مُنْتَدَيَاتْ المُعَـــــالِجُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مُنْتَدَيَاتْ المُعَـــــالِجُ

منتدى يقدم الخدمات المجانية لوجه الله تعالى في العلاج بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومعالجة ورفع الضرر عن المسحور والمحسود
 
الرئيسيةالبوابةالتسجيلدخولأحدث الصور

 

 ثقافة قومية عربية مفقودة تعبر عصرين للعولمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عماد حسن (Admin )
المشرف العام
عماد حسن (Admin )


ذكر عدد الرسائل : 267
العمر : 55
تاريخ التسجيل : 12/02/2008

ثقافة قومية عربية مفقودة تعبر عصرين للعولمة Empty
مُساهمةموضوع: ثقافة قومية عربية مفقودة تعبر عصرين للعولمة   ثقافة قومية عربية مفقودة تعبر عصرين للعولمة Icon_minitimeالجمعة فبراير 15, 2008 3:44 pm

أطراف عربية, رسمية وغير رسمية, لا تزال تطرح مواضيع قومية المقاصد, مثل: نحو مشروع ثقافي قومي جديد, الهوية الثقافية العربية في زمن العولمة, تجديد الخطاب القومي العربي... تتميز هذه المقاصد بصفتين: تأخذ أولا شكل البداهة, معتقدة أن الثقافة القومية العربية قائمة وواضحة الوجود, ومؤمنة ثانياً بمستقبل هذه الثقافة, طالما أن مستقبلها الواضح امتداد لحاضر لا اضطراب فيه ولا نقصان.

غير ان هذا الطرح, الذي لا تنقصه النيات الطيبة, يصطدم بعائقين: فالثقافة القومية العربية ليست بالوضوح الذي يعتنقه المدافعون عنها, ومستقبل هذه الثقافة هو ليس مستقبلها العربي المرغوب, بل هو المستقبل الذي تحدده العولمة الجارية, التي لا تذعن لإرادة احد.

ينسى الطرح العربي المتفائل العلاقة التاريخية بين الثقافة القومية, وهي مشتق من الأزمنة الحديثة, والدولة - القومية, التي هيأت شروط صعود الثقافة القومية. والمثال الواضح, في هذا المجال, هو الدولة - القومية الفرنسية, التي اتكأت على الثورة الفرنسية, التي أنتجت الدولة والقومية والشعب والحداثة والمثقف وتوليد السياسة والديموقراطية. فقد حققت البرجوازية المنتصرة, من حيث هي طبقة مسيطرة قائدة, هيمنتها الثقافية كعلاقة داخلية في هيمنتها السياسية والاقتصادية.

ولم تكن أداة الهيمنة إلا الجهاز المدرسي الرسمي, الذي ينجز هيمنة لغوية مجتمعية, ويضع فيها تصوراً برجوازيا للعالم. وهذا ما فرض إصلاحا لغوياً, يحرر اللغة من قيود العصور الوسطى وما سبقها, وينتهي إلى لغة قومية موحدة, يتحادث بها الناس جميعاً, ويرتكنون إليها وهم يتعاملون مع القضاء والعقود المتبادلة بين أطراف حرة وأحكام الدستور. أعلنت اللغة القومية عن المساواة في حقل اللغة بين أفراد يتساوون في الحقوق والواجبات. واتكاء على هذه اللغة المتساوية اخترع الأدب القومي صور الأجداد وأطياف الماضي ووضع فيها ما ينسب "الجميع" إلى أصول كريمة. لم يكن المقصود في هذا كله تمجيد ما سلف بل اختراع "الأسطورة القومية", التي توطد الانتماء القومي وتشد "المواطنين" إلى مستقبل مشترك متخذاً من "الأيدولوجيا القومية", لا الماضي المجرد, مرجعاً له. وبسبب أولوية الحاضر على الماضي كان على الأدب, الذي تشكل في الجهاز المدرسي, أن يعيد إنتاج الأيدولوجيا القومية في أسلوب لغوي وفي مقولات: الفرد, الواقع, الجمهور, الزمن المتقدم الذي لا يمكن ترويضه... أنتج الجهاز المدرسي الأدب, كما اللغة التي يكتب بها, وأعادت اللغة الأدبية إنتاج خطاب أيديولوجي يوطد وحدة المجتمع القومي ويعرب عن اتساقه.

ولدت الدولة - القومية, فرنسية كانت أو غير فرنسية, قبل أكثر من قرنين, مجسدة طوراً معيناً من طور الأمم تلازم, في حينه, مع شكل معين من أشكال العولمة. ولعل هذه العلاقة بين القومية والعولمة, اللتين أدرجتا في تاريخ عالمي لا يكف عن التغير, هي التي أعادت, بعد قرنين وأكثر, تعريف القومية والعولمة معاً. فجاء حديث واسع عن ما بعد - الدولة - القومية, التي تضع القومية في زمن تاريخي جديد, وحديث أكثر اتساعاً عن: العولمة الجديدة, التي تحتقب الثورة العلمية والتقنية والصناعة وتتوج الثورات المنتصرة كلها بـ: ثورة المعلومات.
وما الدولة ما بعد القومية إلا محصلة لمتحولات كثيرة تتضمن: تحديد المسافة إلى حدود الإلغاء, انتهاء الحقب الحضارية المتعاقبة المحددة المكان وظهور حضارة جديدة تتعامل مع كرة أرضية "لا مركز لها", أفول السيادة الإعلامية والثقافية, ظهور "الآخر" كعلاقة داخلية في "الأنا", تآكل السيادة اللغوية وهيمنة اللغة الإنكليزية, وصولاً الى "إمبراطورية الأدب", التي تجاوزت "الأدب العالمي" بمقولة اخرى هي: عالمية الأدب... يندرج في هذا كله, بداهة, قضايا ثقافية كثيرة مثل: التقولب الثقافي, الذي يفرضه المنتصرون على الخاسرين, تسليع الثقافة, الذي ينقل الإنتاج الثقافي من حيّز الجامعة والمؤسسة والنقد إلى دروج رجال الأعمال, النخبة الثقافية الجديدة التي تتحدث عن "صراع الحضارات" لا عن "المنال الثقافي" الذي شغف به الألماني "غوته" ذات مرة.

ينتهي الحديث الطويل السابق إلى "سؤالين عربيين" حامضي المذاق هما: هل عرف العرب في تاريخهم الحديث الدولة - القومية؟ وهل خلقت الدولة - القومية العربية, التي لم تخلق: ثقافة قومية بالمعنى الحديث للكلمة؟ يمكن أن يرد البعض على هذا السؤال الشكوك بشعار مريح هو: روح العروبة, التي تحفظ للعرب عروبتهم, حتى وان كانت روحاً عصية على التحدي. والمأزق كله هو في هذه الروح الحاضرة - الغائبة, التي برهنت, ولا تزال, عن حضور العرب وغيابهم, ذلك ان القومية, في تحديدها الصحيح, تحيل على الدولة الحديثة لا على "الروح", التي لم يلتق بها احد. وربما لا يزال البعض يؤمن بـ"عبقرية اللغة العربية", التي تشتق النهر من النهار, وتحفظ للعرب هويتهم, على رغم العولمة - المؤامرة. غير أن الجواب الأخير لا يحسن الوقوف طويلاً, فالعبقرية المفترضة غائمة كتلك "الروح", التي لا تنام ولا تصحو مطمئنة إلى تثاؤب لا ينتهي, واللغة, متوهجة كانت أم ذاوية, لا تُرى خارج تصور للعالم, يرى إليها لغة مقدسة لا يعادلها غيرها, او يراها لغة يومية جوهرها التوصيل والتداول لا التقديس واجترار دروس البلاغة.

إن كان في الهيمنة الثقافية ما يعبر عن دولة حديثة, ترى الحداثة في وحدة السياسة والديموقراطية, فإن غياب شروط الهيمنة يستدعي ذلك القهر المديد, الذي كتب عنه عبد الرحمن منيف في رواية "شرق المتوسط". وفي حدود القهر يكون الناس "رعايا" لا "مواطنين", علماً ان ممارسة المواطنة قوام القومية الحديثة وتعبير عنها, على مبعدة شاسعة من "روح الأمم", التي تستبين في "الانتماء القومي" لا في المراجع الجهوية والطائفية. وكي لا يبدو الجواب ثقافوياً, بلغة البعض, ينبغي الانزياح من الثقافة إلي مقولة أكثر وضوحاً هي: الإنتاج, ذلك أن الإنسان يفكر بما ينتج أو يفكر كما ينتج, ولهذا يختلف تفكير الناس باختلاف صناعاتهم. ولعل هذا الاختلاف هو الذي لا يفصل بين الثورة القومية الحديثة والثورات العلمية والصناعية والفكرية, كما لو كانت "الحداثة الأولى" هي الموقع التاريخي الذي أعطى القومية و"الأدب العالمي". عندها تقف القومية العربية, كما الثقافة المرتبطة بها, في العراء, او في فضاء ضبابي قليل اللباس. وهذا اللباس القومي الجميل الذي لا وجود له هو في أساس بلاغة الفقراء, التي تستمطر الغيوم الهاربة حنطة, محدّثة عن "روح العروبة" ا لتي لا تموت وعن بهاء اللغة العربيـة, التي تشــتق الأناقة من الناقة والجمال من الجَمَل.

في الأفكار السابقة ما يطرح وجوه العلاقة بين الدولة العربية, التي لم تعرف طور الدولة - القومية إلا قليل القليل, ومفهوم سياسي هو: "الشرعية", التي يلتبس بها سؤالان هما: الإصلاح اللغوي الذي ينتهي إلى لغة قومية، والأيدولوجيا القومية, التي تنهض من التحولات الاجتماعية المادية لا من انتهاك اللغة.

فبالنسبة إلى اللغة, وكما رأى عبد الله العروي, فإن اللغة العربية لغات غير موحدة, تتوزع على: اللغة اليومية, اللسان الرسمي المكتوب, اللغات الاصطلاحية, التي تمتثل على رغم تنوعها واختلافها إلى "التنميط والقوعدة", الذين يتسمان بالمراوحة والركود. فقواعد النحو والصرف التي تُشرح بها اليوم قصيدة لزهير بن أبي سلمى هي ذاتها التي تكتب بها عملية إسرائيلية دموية في فلسطين. بهذا المعنى فلا وجود لإصلاح لغوي ولا أفق لوجوده, لأن حل المشكل اللغوي يقتضي وجود سلطة قومية, أي سلطة مهيمنة يقبل بها المجتمع, لأنها التعبير الجماعي الحر عنه, الذي يحقق له شروط المواطنة. ومع أن في المنطق الضمني للسلطة التي لا تصلح شيئاً ما يقول: بـ: "السيادة اللغوية", فإن في اللواذ من الإصلاح اللغوي توسلاً لشرعية مفقودة, تستجير بالماضي والمقدس والمعطى, وبما يجعلها امتداداً "مخلصاً" لأصول بعيدة.

لن يكون الأمر مختلفاً في حقل "الأيدولوجيا القومــية" المفترضة, التي تعلن عن تصورات السلطة وتنتج التماسك الاجتماعي في آن. فهذه الأيدولوجيا, في حالات عربية كثيرة, طريفة وبالغة التناقض: فهي قومية على المســتوى الشفوي و"قطرية" على مستوى آخر, تقول بضرورة توحد العرب كلهم وتعمل على تفكيك المجتمع إلى مقولات اجتماعية ما قبل قومية, معيدة إنتاج "الأقليات" المـتوارثة ومحولة المجتـــمع كله إلى أقليات جديدة.

والأيدولوجيا الطريفة هذه مشغولة بوحدة الأصالة والمعاصرة, التي جاء بها الفرنسي جاك بيرك, تتأصل باللغة والفولكلور والعادات المستبدة التي لا تموت, و"تتعصرن" في الاستيراد...

وهي مشغولة أيضا بقران العلم والإيمان, اذ العلم هو استيراد التقنيات وتكثير الأكاديميين الذين لا عمل لهم ودروس الرياضيات الحديثة التي لا تطبيق لها, وإذ الإيمان هو البرهنة على المعادلات الرياضية بوسائل ميتافيزيقية والبحث عن الفيزياء المعاصرة في التراث... انه تسويغ ما لا يسوّغ, وان كان في رحاب التلفيق ما تسوّغ به السلطة عجزها وركودها المتناتج الذي يبقيها دائماً سلطة من دون أن تصبح دولة, لأن الدولة ذات المؤسسات هي شرط الإنتاج العلمي والحداثة الاجتماعية والإصلاح اللغوي... والسؤال هو: من أين تأتي الثقافة القومية إن كانت هموم السلطــة كــلها تتكاثف في سؤال ديمومة الســلطة؟ هل من علاقة بين الثقافة القومية و"الرعايا"؟ ما هو المــوقع الغريب الذي يترسب فيه "القومي" في مجتمع تجتاحه الطوائف؟

ربما تبدو ملامح الثقافة القومية العربية في "اللغات العربية" التي تحتاج إلى من "يصلحها", وربما تبدو في "تاريخ الأدب العربي", الذي يُقرأ بمعايير حديثة راهنة لا بمعايير الجاحظ وابن قتيبة... مع ذلك فإن ملامح هذه الثقافة تبدو واضحة في الأدب العربي الحديث, الذي يتضمن الرواية والمسرحية والقصة القصيرة والشعر... حيز حديث وجميل, مكتوب بلغة أصلحها المبدعون, يتوجه إلى جميع القراء بلا مراتب ولا تفاوت, ويحمل منظوراً شرعيته فيه ولا يتوسل التلفيق... لكنه حيز هامشي لا تعترف به البلاغة المتوارثة, ولا ترحب به "السلطات القومية" كثيراً.

جاءت الدولة - القومية مع العولمة الأولى ولم تصل الى العالم العربي إلا قليلاً, وجاءت الدولة ما بعد القومية مع العولمة الجديــدة, ولا يــزال العرب يبحثون عن ثقافة قومية عرفتها الأمم المتقدمة مــنذ أكثر من عقدين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mo3alej.yoo7.com
 
ثقافة قومية عربية مفقودة تعبر عصرين للعولمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مُنْتَدَيَاتْ المُعَـــــالِجُ :: المنتدى العام :: قسم اللغة العربية-
انتقل الى: